أخبار عاجلة

الخرطوم/ ذوو الإعاقة الذهنية.. إقصاء اجتماعي وتجاهل حكومي

ما بين الشفقة والإقصاء الاجتماعي، والإهمال والتجاهل الحكومي، يعاني ذوو الاحتياجات الخاصة بكل أنواعها، خاصةً الذهنية، في ظل عدم وجود إحصاءات رسمية بعددهم.

وكانت آخر الإحصاءات في العام 2015م، تحدثت عن ارتفاع أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة بالسودان إلى نحو مليون وأربعمائة ألف معاق، منهم «14%» بالعاصمة الخرطوم.

صعوبات جمة تواجه أطفال الاضطراب العقلي، وفقا لمسؤولي اتحاد الإعاقة الذهنية بولاية الخرطوم، الذي يدار بواسطة أسر وأولياء المعاقين، الذين يعجزون عن إدارة نشاطاته بأنفسهم عكس اتحادات الإعاقة الأخرى.

توقف الدعم الحكومي
التمويل الحكومي الذي لا يتعدى «100» ألف جنيه شهرياً، توقف منذ أربعة أشهر «أغسطس الماضي» بدون أسباب واضحة، وفقاً لحديث مسؤولة لجنة المشروعات بالاتحاد أسماء الطاهر مع «التغيير».

وأصبح الاتحاد يعتمد على تبرعات الخيرين لعضويته التي فاقت الـ«4» آلاف شخص، «90%» منهم يعانون من الفقر والإعاقة معاً.

وقالت عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد سيدة زين العابدين الفنوب لـ«التغيير»، إن التمويل الحكومي الذي يأتي من وزارة الرعاية والتنمية الاجتماعية قليل للغاية ولا يتناسب مع احتياجات هذه الشريحة، لاسيما وأن «90%» من أسرهم يعانون من الفقر والإعاقة.

وأضافت: «لدينا عائلة بها 6 أطفال معاقين ويتامى، وهناك أسر أخرى بها 3 و4، بينما الغالبية بها أكثر من طفل معاق».

وكشفت عن حالات طلاق بين أزواج بسبب إنجاب الزوجة لطفل معاق.

وأكدت سيدة حاجة تلك الأسر للدعم المالي لتأمين وتوفير مستلزمات أطفالهم من أدوية و«بامبرز» وعلاج طبيعي، لاسيما وأن تبرعات الخيرين موسمية وأغلبها تكون في شكل مواد عينية في رمضان.

وأقرت بوجود قصور كبير من الاتحاد تجاه تلك الشريحة بسبب غياب الدعم والمساعدة، خاصةً من الحكومة.

وذكرت سيدة أن التمويل الحكومي كان يخصّص لسداد مبالغ إيجار المقر، إلى أن تبرّعت لهم محلية بحري بشقة في حي المزاد، ولكنها أوضحت أن المقر لايزال بائساً وفقيراً وتنقصه أبسط الأساسيات.

النظرة الاجتماعية
وأشارت سيدة في حديثها لـ«التغيير»، إلى تباين وجهات نظر المجتمع حيال المعاقين ما بين، الشفقة، المصيبة والابتلاء، واعتبرت أن عدم تقبّل بعض الأسر لوجود طفل معاق بينها يمثل أكبر أنواع الإساءة.

وقالت: «لاتزال النظرة للطفل المعاق في الأسرة غير سليمة، حيث يتعرّضون للعزل والإقصاء من بعض العائلات، وأسر أخرى ترفض ظهورهم رغم حاجتها للعون».

فيما نبّهت أسماء إلى تفاوت نظرة المجتمع السوداني، تجاه أصحاب الهمم، ما بين التعاطف والاستغلال وإهمال المسؤولين.

ولفتت إلى غياب الإحصاءات الرسمية التي توضح حجم ذوي الاحتياجات الخاصة، لكنها أكدت ارتفاع أعدادهم بكل فئات الإعاقة الحركية، البصرية، الحركية والذهنية، ونوهت إلى انتشار الأخيرة على مستوى ولاية الخرطوم خاصةً في الأرياف، واعتبرت أن حصر الاتحاد عشوائي ولا يعبّر عن الرقم الحقيقي.

مشاكل الإدماج
يعتبر المعاقون الأقل حظا في الالتحاق بالمدارس، خاصة ذوي الإعاقة الذهنية.

وقالت أسماء إن إدارات المدارس ترفض استقبالهم، بحجة أنهم يشكلون أعباءً، فضلاً عن أن المدارس غير مؤهلة ومهيأة للإدماج وتفتقد للمشرف الاجتماعي أو المستشار النفسي، والطفل المعاق لا يجد فيها الرعاية والاهتمام أو متابعة حالته وتوصيل المعلومة.

وأشارت إلى أن من جملة العوائق الأخرى، سحب أولياء أمور لأبنائهم لمجرد علمهم بوجود أطفال معاقين في المدرسة.

وذهبت سيدة في ذات الإتجاه، ولفتت إلى أن الأسر ترفض خطوة الإدماج، خوفاً من نقل أبنائهم لسلوكيات المعاقين.

وأكدت ضرورة تأهيل تلك الفئات اجتماعياً، وتدريبها حول كيفية الاعتماد على نفسها قبل الدمج الأكاديمي.

وشكت سيدة من التكلفة الباهظة لمراكز تدريب الأطفال المعاقين والتي تجاوزت «200» ألف جنيه شهرياً، في ظل فشل برنامج دمجهم في المدارس العامة.

ونوّهت إلى أن الأسر قامت بسحب ابنائها بعد رفض المراكز خفض التكلفة بحجة مقابلة المصروفات الإدارية ورواتب المعلمين وإيجار المقر.

مؤسسة طوعية تحتاج للدعم
وناشدت المسؤولتان، الوزارة المختصة وأهل الخير بدعم الاتحاد حتى يتمكّن من الإيفاء بمتطلبات تسيير العمل ودعم الأسر المحتاجة.

وطالبتا العائلات بضرورة تقبل المعاقين واعتبارهم نعمة وليس نقمة والاستهداء بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم”.

يذكر أن اتحاد ذوي الإعاقة الذهنية، مؤسسة طوعية خدمية غير ربحية، مسجل بمفوضية العون الإنساني منذ العام 2010م ويدار بواسطة أسر المعاقين.

تعليقات فيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *