أخبار عاجلة

داية ظهور الكومبارس

منذ أكثر من 100 سنة ، كان ينقسم الكومبارس إلى قسمين، متكلم وصامت، ولكن كيف بدأ الكومبارس فى عالم الفن فى مصر؟.

هذا مايكشف عنه مقال «سوفوكل»، أحد الفنانين وربما النقاد الذين كانوا يكتبون باسم مستعار فى مجلة «الفن»، خلال أربعينيات القرن الماضى، حيث يأخذنا «سوفوكل» لرحلة طويلة عن نشأة الكومبارس فى مصر، مؤكدا أن الجميع يصفهم أنهم نكرات، ويتم تحريكهم مثل قطعة الشطرنج، رغم أن فنانين عظام خرجول للوجود من خلال مهنة الكومبارس أمثال نجيب الريحانى، وعزيز عيد، وغيرهم.

جاء عنوان المقال الذى تنشر «بوابة الأهرام» مقتطفات منه تحت عنوان «عظماء وقواد يستأجرون بعشرة قروش فى الليلة»، وتناول نشأة مهنة الكومبارس على المسارح المصرية.

وذكر المقال أن الكومبارس نشأ منذ تشييد دار الأوبرا فى عهد الخديو إسماعيل؛ لأنه كان من الصعب على الفرق الأجنبية التى تؤدى مسرحيات فى الأوبرا بأن تستقدم معهم ممثلين يقومون بأدوار ثانوية؛ لذا كان على الفرق الأجنبية أن تعهد لشخصيات بتوريد كومبارس لهم فى مصر، ومن هنا ظهرت شركة «سلامون» التى احتكرت توريد الكومبارس لمدة نصف قرن حتى توفى ساحبها فى الثمانين من العمر، ثم خلفه يهودى آخر يدعى «نيجري»، وقد كانت مهمة «سلامون» ومن بعده «نيجري» البحث عن شباب يريدون مشاهدة التمثيل دون أن يدفعوا أجر الدخول،  وقد كان أجر  الكومبارس يتراوح ما بين 10 لـ15 قرشا فى الليلة، كما تمت الاستعانة بالفتيات العاملات فى المحلات التجارية.

وقد كان يقع الاختيار على الكومبارس ليؤدى دور قائد يحمل الأوسمة والنياشين، أو سيّاف يحمل سيفا، أو أحد الأشراف الذى يرتدى أزياء فاخرة.

الشيخ سلامة حجازى، والذى كان له حشدا من المعجبين يشهد حفلاته بدون أجر،  كان يستخدم المتفرجين فيقومون بالمهمة على أكمل وجه، ولكن الكاتب «سوفوكل» يقدم طرفة عجيبة، حيث كان على كومبارس متفرج أن يؤدى دورا ثانويا لملك يقطع المسرح إلى الناحية الآخري، وبلغ الرجل منتصف المسرح دون أن يتحرك ثم وقف فأومأ إليه الشيخ سلامة حجازى أن يواصل السير، لكنه تلكأ وصاح به الشيخ سلامة يطلب منه أن يستأنف فالتفت له الكومبارس وقال بصوت يسمعه الجمهور:” هو ده يصح ياسيدنا الشيخ؟!.. أزاى أمشى أنا قدامك؟.. العين متعلاش على الحاجب”.

ومن الطرائف أن جورج أبيض كان يمثل دور «ماكبث» بدار الأوبرا، وعهد إلى المتعهد سلامون، أن يورد له كومبارسا، ولكن الوقت كان متأخرا فتم توريد مجموعة من الشباب المستجدين الذين لم يسمح لهم بالوقوف على خشبة المسرح من قبل ، وفى المسرحية مشهد يجلس فيه الكومبارس وهم يؤدون أدوار أشراف يجلسون حول مائدة طعام ثم يظهر لهم جورج أبيض، فيملأ الرعب قلوبهم ويغادورن ، ولكن حين حان وقت المشهد، جلس جورج أبيض فى الوسط وإلى يمينه ليدى ماكبث، والتى كانت تؤدى دورها الفنانة «أبريز ستانى»، ولكن كان الجوع مستبدا بالكومبارس فاستمروا فى التهام الطعام ولم يتحركوا، فما كان من جورج أبيض إلا إن صاح :”اتحركوا يا أشراف.. الله يخرب بيتك ياسلامون»، لكن لم يتحركوا أيضا،  لذا تقدمت الليدى ماكبث وقلبت المائدة على المسرح كى يتحركوا ويغادروا المسرح .

فى مسرحية «شاترتون» بمسرح رمسيس احتاج الأمر إلى طائفة من الكومبارس، حيث تم اختيار مجموعة من الشباب فلما ارتدوا الملابس وجلسوا ينتظرون الدخول، مر بهم مصادفة منصور غانم وكيل دار الأوبرا فجلس يشاركهم الحديث،  مؤكدا لهم أن أحد الممثلين العظام خرج من طائفتهم الكومبارس فسأل الشباب مامعنى كومبارس؟ ، فأجابهم أن مهنة الكومبارس من أحقر مهنة التمثيل وأقلهم درجة وأنهم يقومون بأدوار صامتة فقام الشباب بخلع ملابسهم وغادروا، مؤكدين لهم أنهم أبناء ذوات وباشوات.

 أما عزيز عيد فى مسرحية «زليخة» بحث عن الكومبارس، فلم يجده فوقع فى أزمة؛ مما جعله يكلف أحد عماله بالوقوف بدلا منه وراح يتحدث إليه كأنه موجود خلف خلف الستار.

تعليقات فيسبوك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *